الأحد، 16 يناير 2011

تكست -العدد التاسع : لم يعـد الطيــران مغــــــريا - الشاعر عبدالزهــــرة زكـــــي

" لم يعد الطيران مغريا"

عبدالزهرة زكي*



*تحت الأقدام


منسيةٌ السجادةُ منذ سنوات

في الممر على البلاط..

بدت الزخارف شاحبةً،

وذبلت أوراقُ الورد..

والزرقةُ الكابية

ترنو إلى السماء بطرف كليلٍ

وبآخرَ

لا تقوى على مضارعة الهواء الساكن

في الممر..

فيما ريشُ الطاووسِ الميتِ

يتكسر تحت الأقدام

على خيوط السجادة المنسية منذ سنوات.







*قناعة الطائر



في الحديقة،

على العشب،

يقف الطائر وحيدا.

وفي السماء،

في الفراغ المطلق،

تقف الشمس وحيدةً.

يمشي الطائر

أقدامُه ناعمةٌ على العشب

لا يرنو إلى الشمس

ولا يصغي إلى جناحيه،

......

صامتا،

مأخوذا بضوءٍ خفيفٍ وظلٍّ وارف..






*الماء..ترنيمة قلبي

وحده قلبي

دائمُ الترنيمِ بالماء.

القطرةُ في الكأس شعاع..

والموجةُ في البحر جناح.

يطير النشيد إلى الأبديةِ..

فيما تشعّ القطرةُ في الكأس.

ما أكثرَ ما ترنَّمَ قلبي

وتهجد

وصلى

من أجل الماء..







*كأي ثلاثاء طويل

صديقتُهُ الأرملةُ تقول له:

فتحتُ الكتابَ فلم أقرأ..ذلك أنكَ لم تأتِ.

كان يومُ الثلاثاءِ طويلاً كأي ثلاثاء.

وكان الكلامُ مملاًّ كأي كلامٍ مكرور.

في أحسنِ الحالات،

تقولُ صديقتُهُ الأرملةُ:

آخذُ النايَ وأطوي الكتابَ، ستأتي.






*انظر إلى صاحبك جيدا

انظرْ إلى صاحبِكَ جيدا..

تأمل أين يده تثرثر،

أين يضيع خيطُ دخان سيجارته،

أين تطير ورقتُه،

ويطير خلفَها نَفَسٌ منه عميق..

تأملْ!

أيُّ صاحبٍ يقف جنبك ولا يقف.

النارُ كأنها تشير إليه..

والماءُ يترقرق أسيانا تحت قدميه

ونظرتُه ثابتةٌ لا تحيد.

صاحبُك الذي يتعقب خطاك

صامتا، مثل شجرةٍ، يعيد ما تقول.

مثل شجرةٍ انتظرتْ بلا جدوى طويلا..

الورقةُ تسقط منها

ويسقط خلفَها نفسٌ منه عميق.






*البيت

طارت الحمامةُ.

جناحان صغيران يضربان في الفضاء العميق..

وعينان حائرتان تبحثان عن أرض.

ماذا لو أن الفضاء بلا أرض؟







*لغتهُ واضحةٌ..ولغتي ليست كاللغات

الليلُ واحدٌ..لكنَّ البابَ بعيد.

يقولُها وأقولُها، ثم نمضي.

كم بدا الليلُ قريباً تحت ناظريَّ.

يتركني أمرّ حسيراً،

حقيبتي منسيّةٌ تحت الظلام،

وصورتي مرميةٌ فوقه،

ولغتي ليست كاللغات..

أمرّ حسيراً..

ويمرّ غريبٌ،

كان الليل بعيداً عن ناظريه،

يدُه مضيئةٌ في الظلام، وعينه مرميّةٌ عليه، ولغتُهُ واضحةٌ.

يمرُّ الغريب حزيناً.

كلانا نمرُّ في الليل.

الليلُ صامتٌ..ومثله نحن صامتان.

هواؤه باردٌ..ونوافذه مغلقةٌ.والطريق طويل.

أرى في الظلام كآبتَهُ..

ولا يرى الغريبُ فيه إلا الكآبةَ ذاتَها.

تحت النوافذِ، الورقُ أصفرُ لا ينتظر ريحاً.

وعلى النوافذِ مناديلُ يابسةٌ

من بعد ما قد كلَّتْ من التلويح.

ونمضي كلانا صامتين.

غريبين

يمرُّ في الليل كلانا.

والليلُ واحد..لكن البابَ بعيد.

بغداد 2010






*شاعر عراقي





للعـــــودة للصفحة الرئيسة – العــدد التاسع